كان الختان من الاعمال المقدسة في الكتاب المقدس ، وضعها الله لشعبه حتى يتميزوا عن الاخرين ،ويتذكروا دائما لأنهم شعب الله ،ويذلك فالختان كان بمثابة اول عهد شخصي على مستوى العلاقة الداخلية غير المنظورة بين الله وبين كل فرد من شعب الله لذا سمي عهد الختان (اعمال الرسل 7-8) .
كان الختان يستخدم في العهد القديم ليس للانسان فحسب بل للشجر ،حاسبا ان الشجرة المغروسة جديدا تعتبر غلفاء أي غير مختونة(غير مقدسة) معنويا لمدة ثلاث سنين ،وفي السنة الرابعة تحسب شجرة مقدسة بعدما يقدم كل ثمرها للرب كتقدمة شكر ، وفي السنة الخامسة تحسب حلالا على الانسان .
أم عملية تحويل الشجرة من غرس ارضي إلى غرس سموي مقدس، تشبه عملية جحد الشيطان كالذي يحتمه الطقس في المعمودية ، تنتقل به الخليقة من معسكر الشيطان إلى معسكر الله .
قد اقترنت الختانة بأخذ الاسم الجديد، الذي يلزم ان يكون مطابقا لاسم احد افراد اسرته امعانا في تبعية الطفل لشعب الله .
فالاختتان هو عملية تكريس كامل بكل الاعضاء داخليا وخارجيا، ليصير الإنسان على مستوى عهد الله وقداسة الله "سر امامي وكن كاملا" (تكوين:17-1) ،إن كما وضعها العهد الجديد على فم المسيح كونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السموات هو كامل (متى5-41) ،ولذلك اعتبر المسيح انه خادم الختان الذي تمم الختان على اعلى واكمل مستواه الروحي والجسدي معا (من اجلهم اقدس انا ذاتي يوحنا :17-19) .
مما لا ريب فيه ان المسيح لم يحتاج إلى الختان للدلالة على اتحاده مع الله لانه كان دائما في الآب ، والآب فيه وهو والآب واحد ،إلا ان القديس ابيفانوس القبرصي قال:(انه لاسباب كثيرة اختتن المسيح ، وبالمقام الاول ليبرهن على حقيقة جسده ضد المانويين، والذين ادعوا ان ميلاده كان ظاهريا فقط، وحتى يوضح ان جسده لم يكن واحدا في الجوهر مع اللاهوت كما علم ابوليناريوس ، ولا هو استنزله من السماء كما يؤكد ذلك فالتين . ضد الهرطقات 3.-23) .
كان يعطى الطفل المختون المولود ابن ثمانية ايام كل الحقوق الرعوية، إلا ان هذه الحقوق تتوقف كلها إلى ان يثبت المختون طاعته لوصايا الله ، عند بلوغه السن الذي يطالب فيه تكميل الوصايا، إذا فكانت الطاعة لوصايا الله عي التي تجعل عهد الختان قائم ودائم، هكذا كان الختان في العهد القديم روحيا بمقدار ما كان لمفهوم الطاعة لوصايا الله .
وبتأسيس المعمودية التي يتم فيه الختان الروحي للانسان ، حيث يخلع جسد الخطيئة ويلبس الجديد بالروح القدس،ويتم الختم الالهي لتبعية الله بالتحاد بالمسيح، وبهذا يكون قد لانتهى عهد الختان الجسدي ،لان المعمودية حلت عمل الختان بصورة اكمل واشمل وبأثر روحي فعال وعميق،لان الختان الجسدي الموحى به في العهد القديم لم يكن قادرا على تكميل الخلاص بل الختان بالروح القدس، بحيث تلبس المسيح ونصبح فيه وبه خليقة جديدة كميلاد ثان ،ونكون مع رعية القديسين اهلا وأحباء في بيت الله ، وملوكا وكهنة مع المسيح لله .
السراج الأرثوذكسي